البنوك المركزية الأمريكية والبريطانية في مواجهة التهديدات التجارية والركود المحتمل.

تواجه البنوك المركزية في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة معضلة اقتصادية مع تصاعد التهديدات باندلاع حرب تجارية شاملة، خاصة مع التلميحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة.
يجتمع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع لمناقشة تداعيات ما يسمى بـ”ترامبسيشن”، وهو الركود المحتمل الناجم عن ارتفاع تكاليف الاستيراد، مما قد يدفع المستهلكين، الذين يعانون بالفعل من أزمة غلاء المعيشة، إلى تقليص إنفاقهم بشكل أكبر.
ووفقًا لمؤشر “كونفرنس بورد” لثقة المستهلك، سجلت مستويات الثقة في فبراير أكبر انخفاض شهري منذ ما يقرب من أربع سنوات، ما يعكس مخاوف الأمريكيين بشأن المستقبل الاقتصادي. وتؤكد التوقعات أن الأسواق المالية قد تتأثر سلبًا، وهو ما قد يفاقم الوضع الاقتصادي إذا أدى إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي، وهو المحرك الرئيسي للنمو في الولايات المتحدة.
من جانبه، حذر نايجل غرين، المحلل في شركة “دي فير” للاستثمارات، من أن الجمع بين الضغوط التضخمية والتباطؤ الاقتصادي يضع الفيدرالي الأمريكي في موقف حرج، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، مثل خفض أسعار الفائدة، لمنع حدوث أزمة اقتصادية أعمق.
وفي المملكة المتحدة، يتخذ بنك إنجلترا نهجًا مماثلًا من الحذر، حيث سيقرر يوم الخميس ما إذا كان سيواصل خفض أسعار الفائدة أو سيؤجل ذلك لمراقبة تطورات الأزمة التجارية. كان البنك قد توقع في نوفمبر أن تنخفض أسعار الفائدة إلى أقل من 4% بحلول عام 2025، لكن التضخم المستمر يجعل صانعي القرار أكثر ترددًا في تسريع عملية التخفيض.
حاليًا، يبلغ معدل الفائدة في المملكة المتحدة 4.5%، وهو أعلى قليلًا من نظيره في الولايات المتحدة، الذي يتراوح بين 4.25% و4.5%. وفي ظل استمرار التضخم وتباطؤ سوق العمل في قطاعات مثل التصنيع والبناء، يبدو أن البنك المركزي البريطاني سيبقي أسعار الفائدة دون تغيير حتى تتضح الرؤية الاقتصادية.
أما في الولايات المتحدة، فإن تأثير أي انهيار في سوق الأسهم قد يكون أشد وطأة على الإنفاق الاستهلاكي مقارنة بالمملكة المتحدة، إذ تشير تقارير الفيدرالي إلى أن الأسر الأكثر ثراءً كانت المحرك الرئيسي لنمو الإنفاق الاستهلاكي خلال العقد الماضي، مستفيدة من المكاسب في سوق الأسهم.
ويتوقع بعض المحللين أن يبادر الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض الفائدة رغم استمرار التضخم، في محاولة لتجنب الركود. لكن مع عدم اليقين حول موعد تنفيذ التعريفات الجمركية الجديدة وتأثيرها الفعلي على الأسعار، قد يفضل الفيدرالي تأجيل قرار الخفض حتى تتضح الصورة الاقتصادية بشكل أكبر.