أخبار العالممنوعات

قلق المستثمرين بعد دعوة ماكرون لانتخابات مبكرة في فرنسا.

كشفت وسائل إعلام دولية، اليوم الثلاثاء (11 حزيران 2024)، عن قلق المستثمرين بعد محاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منع مارين لوبان من الوصول إلى السلطة من خلال الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

شهدت الأصول الاقتصادية في فرنسا عمليات بيع كثيفة أمس الاثنين، حيث طالب المستثمرون بأعلى عائد منذ يناير مقابل حيازة السندات الفرنسية بدلاً من الألمانية. كما انخفض اليورو إلى أضعف مستوى له خلال شهر، بينما تراجع مؤشر الأسهم “كاك 40” في باريس بنسبة 2.4%، مع هبوط أسهم البنوك الفرنسية الكبرى بنسبة تصل إلى 9%.

تُهدد هذه الانتخابات بمواجهة حول السياسات الاقتصادية لماكرون، التي كانت علامة مميزة خلال فترة رئاسته وطمأنت المستثمرين والشركات منذ توليه المنصب في 2017. وسيصبح سد الثغرات في الميزانية أكثر صعوبة إذا فقد السيطرة على البرلمان والحكومة.

خفضت وكالة التصنيف الائتماني “إس أند بي غلوبال ريتينغ” الشهر الماضي التصنيف الائتماني لفرنسا، مشيرة إلى أن العجز المالي سيظل فوق 3% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية 2027. واعتبرت هيئة الرقابة المالية الفرنسية أن استراتيجية العجز الحكومية تفتقر إلى الاتساق والمصداقية، ودعا صندوق النقد الدولي إلى جهود إضافية “كبيرة”.

قال ديفيد شابيل، مدير أول للصناديق في شركة كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس، إن “ماكرون يخاطر في السياسة المحلية، مما قد يؤدي إلى نتائج عكسية وتوقف جهود الإصلاح”.

رغم إنفاق حكومة ماكرون مبالغ ضخمة لحماية الأسر والشركات من تداعيات كورونا وآثار انتقال الطاقة، أبقى الرئيس الفرنسي تركيزه على الادخار طويل الأمد من خلال إجراء إصلاحات مواتية للنمو في مجالات المعاشات التقاعدية وقوانين العمل ونظام الرعاية الاجتماعية. وانخفضت البطالة في فرنسا بشكل ملحوظ خلال فترة رئاسته، وأظهر النمو الاقتصادي مرونة أكبر في مواجهة الأزمات مقارنة بدول أوروبية أخرى.

لكن نهج ماكرون واجه مقاومة متزايدة، سواء في البرلمان أو عبر الاحتجاجات في الشارع. وبعد خسارته الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية في 2022، كان يعاني لتمرير التشريعات دون اللجوء إلى أدوات دستورية.

الهزيمة الساحقة في انتخابات البرلمان الأوروبي يوم الأحد كانت أحدث إشارة تحذيرية. لكن من غير المرجح أن تسفر الانتخابات الجديدة عن أغلبية واضحة، إلا إذا تحققت لحظة استثنائية من الوحدة بين الجماعات السياسية المتباينة. الأخطر هو احتمال حصول لوبان على فرصة للفوز بأغلبية، مما سينهي قيادة ماكرون الاقتصادية تماماً.

قال موهيت كومار، كبير الاقتصاديين لشؤون أوروبا لدى جيفريز إنترناشيونال، إن “أغلبية يمينية في البرلمان ستعيق أي خطط للإصلاح”، مضيفاً أن “أوضاع المالية العامة في فرنسا ضعيفة بالفعل بسبب العجز”.

ارتفع العائد على الأوراق المالية الحكومية لأجل 10 سنوات بمقدار 11 نقطة أساس إلى 3.21% يوم الاثنين، مما وسع فرق العائد مع السندات الألمانية المكافئة – الأكثر أماناً في المنطقة – إلى 54 نقطة أساس.

في الوقت نفسه، أثرت الاضطرابات السياسية على اليورو، الذي انخفض بنسبة 0.6% إلى 1.0733 دولار يوم الاثنين، وهو أدنى مستوى له في شهر. يعوض هذا التحرك ارتفاعاً بنسبة 2% تقريباً منذ منتصف أبريل، حيث عزز المتداولون رهاناتهم على خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة هذا العام.

دفعت حكومة ماكرون المنتهية ولايتها بتخفيضات في الإنفاق العام بقيمة 20 مليار يورو (21.5 مليار دولار) لمواجهة تدهور مؤشرات المالية العامة الناجم عن ضعف النمو في نهاية العام الماضي، إلا أن تلك التدابير لم تكن كافية لتجنب مراجعة الخطط طويلة الأجل لتقليص أعباء الدين العام. وقالت “إس أند بي غلوبال” إن عجز الموازنة سيظل فوق 3% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية 2027.

أشار ثيوفيل ليغراند، المحلل الاستراتيجي لأسعار الفائدة في بنك “ناتيكسيس”، إلى أن “الخفض الأخير للتصنيف السيادي الفرنسي قد يدفع المستثمرين للتشكيك في قدرة الحكومات الأوروبية على دعم الانتعاش الاقتصادي”، وتوقع أن يتسع الفارق بين العائد على السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات ونظيرتها الألمانية إلى 55 نقطة أساس.

وصفت لوبان إدارة ماكرون للمالية العامة بأنها “كارثية”، لكن لم يتضح بعد النهج الذي ستتبعه في التعامل مع الضرائب والإنفاق. واقترح حزبها في الماضي إجراءات تشمل خفض ضرائب المبيعات وخفض الرسوم على الوقود.

كما أن الجمهوريين، الذين يمكن أن يكونوا حلفاء لحزب ماكرون، انتقدوا سياسته المالية وهددوا باستخدام التصويت على حجب الثقة لإسقاط الحكومة.

في غضون ذلك، دعت الأحزاب اليسارية إلى فرض ضرائب أعلى على الشركات متعددة الجنسيات والأثرياء لتقليل عبء الدين العام، وهي خطوة رفضتها حكومة ماكرون مرات عديدة.

قال وزير المالية برونو لو مير لإذاعة “آر تي إل” أمس الاثنين: “حققنا نتائج إيجابية تتعلق بالتوظيف والصناعة وجاذبية البلاد الاستثمارية. ولا أريد أن تذهب هذه النتائج أدراج الرياح بسبب مزاج سيء أو شعور بحالة استياء بعد ثلاثة أسابيع من الآن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى