في خطوة غير مسبوقة عالميًا، سمحت السلطات الصينية للشركات المحلية بتسجيل بياناتها كأصول في ميزانياتها، وهي سياسة جديدة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي ورفع قيمة الشركات. تأتي هذه الخطوة في وقت تعتمد فيه الشركات الكبرى مثل علي بابا وتينسنت وديدي على كميات هائلة من البيانات المستمدة من معاملات التجارة الإلكترونية، والتنقل الذكي، والخدمات المالية الرقمية. ومع ذلك، يبدو أن العديد من الشركات لا تزال مترددة في تبني هذا النهج، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه السياسة وإمكانية نجاحها في خلق سوق فعالة للبيانات.
سوق البيانات: رؤية طموحة وتنفيذ معقد
تأمل الحكومة الصينية أن تؤدي هذه السياسة إلى خلق سوق مزدهرة للبيانات، بحيث يمكن للشركات بيع وشراء البيانات مثل أي سلعة أخرى، مما يعزز الابتكار ويحفز نمو الاقتصاد الرقمي. يُعتقد أن هذا التوجه قد يساعد الشركات في زيادة تقييماتها المالية، وجذب الاستثمارات، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.
ومع ذلك، هناك تحديات كبيرة تواجه تنفيذ هذه الرؤية، أبرزها:
- عدم وجود إطار واضح لتقييم البيانات: لا توجد معايير محددة لتحديد قيمة البيانات كأصول، مما يجعل من الصعب تقييمها بدقة.
- الخصوصية والأمان: لا تزال المخاوف بشأن حماية البيانات الشخصية وسوء استخدامها تعيق تحول البيانات إلى أصول قابلة للتداول بسهولة.
- افتقار السوق للطلب الفعلي: على الرغم من إمكانية تداول البيانات، فإن الإقبال على شرائها وبيعها لا يزال محدودًا بسبب عدم وضوح العوائد المحتملة من هذا النوع من الأصول.
الشركات بين الحذر والفرص المستقبلية
حتى الآن، لم تُقبل الشركات الصينية الكبرى بحماس على هذه المبادرة، إذ لا تزال ترى البيانات كأداة تشغيلية أكثر من كونها أصولًا مالية قابلة للتداول. في المقابل، قد يكون للشركات الصغيرة والمتوسطة فرصة للاستفادة من هذه السياسة عبر تحقيق دخل إضافي من بيع بياناتها، لا سيما في القطاعات الناشئة مثل التجارة الرقمية والتكنولوجيا المالية وإنترنت الأشياء.
مع استمرار الحكومة الصينية في دعم هذه الرؤية، قد نشهد خلال السنوات القادمة إصلاحات جديدة لضمان نجاح سوق البيانات، بما يشمل إجراءات تنظيمية أقوى، وحوافز مالية، ومعايير تقييم أكثر وضوحًا. وحتى ذلك الحين، يبقى السؤال: هل تستطيع الصين تحويل البيانات إلى أصل مالي قوي أم أن هذه التجربة ستواجه عقبات تجعلها غير قابلة للتطبيق على نطاق واسع؟
